عرض المقال
د. حمزاوى وإخوان الفرز التانى
2013-07-15 الأثنين
إقناع الزبون بالفرز التانى من الممكن أن ينجح فى دنيا السيراميك، لكن فى دنيا السياسة وفى مستقبل الأوطان تسويق الفرز التانى لفصيل سياسى خائن عميل مفرّط فى بلده ومحتقر لشعبه هو بمثابة جريمة مكتملة الأركان، ومصير الأوطان ومستقبل البلدان لا تنفع فيهما مهن وشغلانات مثل مهنة السمسار والخاطبة وطبيب
الترقيع، فالسمسار يروّج للبضاعة المضروبة وسلاحه لسانه ومعسول الكلام، والخاطبة تسوّق للعروسة الدميمة القبيحة وتوهم العريس بأن فيكتوريا كوهين هى جنيفر لوبيز! أما طبيب الترقيع فهو يبيع الوهم للزوج المخدوع مثلما يبيع البعض الوهم للوطن المخدوع! أينشتين له تعريف ذكى ولماح للغباء وهو أن تفعل الشىء مرتين بنفس الطريقة وتنتظر نتائج مختلفة، ونحن جربنا الإخوان وقرأنا تاريخهم ألف مرة، ولا يريد لنا البعض أن نتعلم، ويصرون على تسويقهم لنا على هيئة الملائكة وبنظرية «عيّل وغلط»، وكأننا فى خناقة على قهوة على حساب المشاريب ولسنا فى وطن تمزق وسُحل وانتُهك عرضه على أيدى عصابة من السفاحين ومصاصى الدماء! ما زلت مؤمناً بحسن نية د. عمرو حمزاوى حتى هذه اللحظة وأحسبه مخدوعاً بالجلسات اللطيفة مع الإخوان والعزومات الشيك التى كانوا يوزعون فيها ابتساماتهم اللزجة على الحضور أيام شهر العسل الإخوانى الليبرالى وفى زمن زواج المتعة الإخوانى المجلسى العسكرى، ما زلت أظنه عائشاً فى وهم الحمائم والصقور الذى طالما سمعته من بعض مثقفى النخبة، والمدهش أنهم كانوا يحسبون البلتاجى والعريان على فريق الحمائم، وأظن أن سماع خطابهم الآن يثبت أنه كان مخدوعاً وأنهم من فصيلة الغربان أو الضباع!
أولاً يا دكتور حمزاوى، لا تفترض افتراضات وتبنى على أساسها، ولا تقُل «من يطالبون باعتقالات وإجراءات استثنائية»، فأنا لم أقُل ولم أدعُ إلى مثل هذا الكلام، وأرجو ألا يزايد د. حمزاوى علىّ فى هذا ويخدع القراء بمثل هذه الافتراضات. الكلام واضح؛ الإخوان ليسوا فصيلاً سياسياً وليسوا وطنيين لسبب بسيط وهو تركيبتهم العقائدية الأيديولوجية الإقصائية وانتماؤهم لتنظيم عالمى ظهر لكل مصرى عاقل كيف أن الحمساوى الإخوانى أو التركى الإخوانى أفضل وأهم وأقرب من أى مصرى لقلوبهم وعقولهم وتجارتهم وبيزنسهم وتدليلهم! تقول إنك كنت تطالب بعزل أعضاء الحزب الوطنى أو نخبته، على حسب قولك، لأنهم تورطوا فى الاستبداد وتكريس القمع والعصف بسيادة القانون!! أفرك عينىّ جيداً، هل د. حمزاوى هو كاتب هذا الكلام؟ ألم يبلغه أن مرسى والإخوان كانوا أكثر عصفاً بسيادة القانون؟ هل كان د. حمزاوى فى غفوة أو تعسيلة أثناء الإعلان الدستورى الغاشم الذى جعل من مرسى نصف إله؟! هل لم تبلغ سيادته أى معلومات عن اعتصامات القضاة والرغبة الإخوانية الانتقامية منهم التى جعلت هذا الزمن الإخوانى هو زمن اغتيال القضاة بامتياز؟! هل د. حمزاوى كان نائماً أثناء سلق الدستور الطالبانى قبيل الفجر وحصار المحكمة الدستورية فى سابقة لم تعرفها مجرة درب التبانة؟ وهل لم يصله هتاف «نعبّيهم فى شوال» أم أنه اعتبر أن وضع القضاة فى شوال هو تكريم من عشيرة مرسى للقضاة؟! والغريب أنك تقول إنك اعتذرت بعد حكم الدستورية ببطلان العزل وهذا يُحسب عليك لا لك؛ لأنه إذا لم يكن عمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية قادراً على صياغة واقتراح مادة عزل منضبطة فماذا نقول لعويس ومحمدين وبهانة، والاعتذار عن كوارث قانونية غير مقبول إلا فى خناقات الأزواج لا مصائب الأوطان؟!! قبل أن تحدثنى عن المحاسبة القانونية المنضبطة حدثنى عن هذه التركيبة النفسية الكهفية الإخوانية التى تعشق المؤامرات والمغارات وتستنجد بأمريكا وتهرتل بنزول جبريل فى رابعة وإمامة مرسى للنبى فى الصلاة! إنها لعبة السياسة، ولا ينفع أن تلعب سياسة وأنت تنوّم الناس مغناطيسياً بالدين، ليس من العقل ولا المنطق أن تلعب تنس طاولة بقواعد مصارعة السومو، كان أمام الإخوان الانخراط فى أحزاب مدنية طبيعية ليست لها أى خلفية تكفيرية إقصائية تتلاعب بالدين وتتاجر فيه، ولكنهم رفضوا لأن الجينات الإخوانية جُبلت على الإقصاء والتمكين والتعامل بمنطق الصيّاد والفريسة، أنت تتحدث معنا وكأننا «عاملين عملة» مع أطفال سُذّج فى منتهى البراءة اسمهم الإخوان، مَن المفروض عليه أن يصالح؟، مَن المفروض أن يقبّل أقدام كل الشعب المصرى على جرائمه البشعة حتى يصفح؟ من سيعيد حق هؤلاء ممن سحلهم الإخوان وعذبوهم بداية من الاتحادية حتى بين السرايات والمنيل وبورسعيد وسيناء؟! لا تذكر لى أسماء مثل الكتاتنى أو غيره، فمن دخل الإخوان ووصل لمكتب الإرشاد لا تحاول أن تقنعنى بأنه لا يعرف أنه فى تنظيم عالمى، التخابر من خلاله حلال بل فريضة، لا تحاول أن تقنعنى بأنه لم يكن يعرف أن مرسى مجرد دمية فى يد مكتب الإرشاد، لا تحاول أن تقنعنى بأنه لا ينتمى لتاريخ الدم الإخوانى من الخازندار والنقراشى حتى الحسينى أبوضيف وأن التقارير المخابراتية التى كانت تُعرض على مرسى لم تكن تمر على 86 دولة تمتد فيها أذرع أخطبوط الإخوان العالمى! فصيل وطنى إيه وعدم إقصاء إيه اللى انت جاى تقول عليه يا دكتور حمزاوى؟! الشعب المصرى لم يعد ساذجاً نبيع له التروماى بكلام مزوق أكاديمى ملخفن لا تعرف له رأساً من قدم، كلام ماسك العصا من المنتصف طوال الوقت لا يعبر عن موقف محدد وإنما مثل موقف البهلوان فى مسرحية يوسف إدريس، والذى كان يعمل فى الجريدة صباحاً وفى السيرك مساء! وسؤال أخير: لماذا لم تصفح حضرتك بنفس المنطق عن قاطع الطريق الذى روّعك أنت وزوجتك وتطالبنا نحن بالصفح عن عصابة كاملة من قطاع الطرق؟!